فصل: (سورة الزخرف: الآيات 15- 19):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



2- وعدناك بأن نتحدث إليك عن أسلوب القرآن فنقول:
احتوى القرآن على ألفاظ كثيرة وصفها بعض الصحابة والتابعين أنها من غير لغة العرب، كما ألّف العلماء في ذلك كتبا خاصة، ووجود المعرب في القرآن قضية علمية اختلف حولها العلماء اختلافا كبيرا على رأيين، أحدهما:
الرأي الأول: وجود المعرب في القرآن وإلى ذلك ذهب بعض الصحابة والتابعين والعلماء منهم ابن عباس ووهب بن منبّه وابن مسعود وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وعطاء والضحاك والسدي وأبو عمران الجويني وعمرو بن شرحبيل وأبو موسى الأشعري والزمخشري وابن الحاجب والسيوطي وغيرهم.
الرأي الثاني: أن القرآن لا يحتوي على غير العربي من الألفاظ وهو مذهب كثير من العلماء ومنهم الإمام الشافعي وأبو عبيدة وابن فارس وابن جرير الطبري والباقلاني والرازي وغيرهم.
وليس مما يفيد كثيرا أن نعرض التفاصيل لكلا الرأيين وأدلتهما والردّ عليهما وإنما المفيد في ذلك فهم الأمور الآتية:
1- أن الدارسين المتأخرين قد ارتضوا الرواية التالية عن أبي عبيد القاسم بن سلام وكأنما وجدوا فيها حلا للقضية وخروجا من هذا الخلاف والرواية هي: قال أبو عبيد: وروي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم في أحرف كثيرة أنه من غير لسان العرب مثل (سجيل والمشكاة واليم والطور وأباريق واستبرق) وغير ذلك فهؤلاء أعلم بالتأويل من أبي عبيدة ولكنهم ذهبوا إلى مذهب، وذهب هذا إلى غيره وكلاهما مصيب إن شاء اللّه تعالى.
وذلك أن هذه الحروف بغير لسان العرب في الأصل فقال أولئك على الأصل ثم لفظت به العرب بألسنتها فعربته فصار عربيا إياه فهي عربية في هذه الحال، أعجمية الأصل فهذا القول يصدق على الفريقين جميعا.
وقد أورد هذه الرواية الجواليقي بعد أن أورد قول عبيدة: من زعم أن في القرآن لسانا سوى العربية فقد أعظم على اللّه القول واحتجّ بقوله تعالى: {إنّا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} ثم نقل هذه الرواية من جاء بعد الجواليقي ودرس موضوع التعريب في القرآن كالسيوطي وغيره.
2- إنه سواء أكانت الألفاظ الواردة في القرآن من لغات أخرى أعجمية باعتبار الأصل عربية باعتبار الحال أو أعجمية باعتبار الأصل والحال فإن ورودها في القرآن يدل على أن العرب قد فهموها وتقبلوها وفهمهم لها يدل على شيوعها بينهم من قبل أن يأتيهم بها وهذا يثبت ما نحن بصدده من وجود الألفاظ المنقولة من لغات أخرى في الجاهلية ومن استمرار ذلك حين جاء الإسلام.
3- يبدو أن الذين رفضوا وجود المعرب في القرآن سيطر عليهم الوازع الديني أكثر من تقرير الواقع اللغوي ولذلك فإن السيوطي حين أورد هذه الألفاظ في كتابيه (المتوكلي فيما في القرآن من المعرب) و(المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب) ساق بين يديها أسانيد نسبتها إلى الصحابة والتابعين كأنما يتحرز هو أيضا من القول بذلك بنفسه وقد عدّد اللغات المنقول عنها تلك الألفاظ فأوصلها إلى عشر وهي الحبشية والفارسية والرومية والهندية والسريانية والعبرانية والنبطية والقبطية والتركية والزنجية والبربرية.

.[سورة الزخرف: الآيات 9- 14]:

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقولنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (11) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقولوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (14)}.

.اللغة:

{بِقَدَرٍ} بمقدار أي يؤدي ما تحتاجون إليه فلا يكون قليلا لا ينفع ولا يكون كثيرا فيؤذي ويضرّ.
{فَأَنْشَرْنا} أحيينا، وفي المصباح: نشر الموتى نشورا حيوا، ونشرهم اللّه يتعدى ولا يتعدى ويتعدى بالهمزة أيضا فيقال أنشرهم اللّه ونشرت الأرض نشورا أيضا حييت وأنبتت ويتعدى بالهمزة فيقال أنشرتها إذا أحييتها بالماء.
{مُقْرِنِينَ} مطيقين يقال أقرن الشيء إذا أطاقه، قال ابن هرمة:
وأقرنت ما حملتني ولقلما يطاق ** احتمال الصدّ يا دعد والهجر

قال الزمخشري: وحقيقة أقرنه وجده قرينته وما يقرن به لأن الصعب لا يكون قرينة للضعيف. وقال الأخفش وأبو عبيدة: مقرنين ضابطين وقيل مماثلين في الأيدي والقوة من قولهم هو قرن فلان إذا كان مثله في القوة ويقال فلان مقرن لفلان أي ضابط له وأقرنت كذا أي أطقته وأقرن له أي أطاقه وقوي عليه كأنه صار له قرنا قال اللّه تعالى: {وما كنّا له مقرنين} أي مطيقين، وقال آخرون: وفي أصله قولان أحدهما أنه مأخوذ من الأقران يقال أقرن يقرن إقرانا إذا أطاق أو أقرنت كذا إذا أطقته وأحكمته كأنه جعله في قرن وهو الحبل فأوثقه به وشده والثاني أنه مأخوذ من المقارنة وهو أن يقرن بعضها ببعض في حبل تقول: قرنت كذا بكذا إذا ربطته به وجعلته قرينه.

.الإعراب:

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} الواو عاطفة واللام موطئة للقسم وإن شرطية و{سألتهم} فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك والتاء فاعل والهاء مفعول به.
{مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ} من اسم استفهام في محل رفع مبتدأ وجملة {خلق السموات والأرض} خبر والجملة الاستفهامية في محل نصب مفعول ثان لسألتهم المعلقة عن العمل بالاستفهام {لَيَقولنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} اللام واقعة في جواب القسم لأنه المتقدم كما هي القاعدة ويقولنّ فعل مضارع مرفوع بثبوت النون المحذوفة لتوالي الأمثال وقد تقدمت له نظائر والواو المحذوفة فاعل والنون للتوكيد ولو كان مجزوما لكان الحذف للجازم لا لتوالي الأمثال وجملة {خلقهنّ} مقول القول وكرر الفعل للتأكيد و{العزيز} فاعل و{العليم} صفة وسيأتي مزيد من بحث هذه الآية في باب البلاغة.
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} اسم الموصول صفة ثانية أو بدل وجملة {جعل} صلة و{لكم} متعلقان بجعل على أنها بمعنى خلق وإن كانت بمعنى صير فيكون متعلقا بمحذوف حال و{الأرض} مفعول به أول و{مهدا} مفعول به ثان أو حال.
{وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا} عطف على ما تقدم و{لكم} متعلقان بجعل أو في موضع المفعول الثاني و{فيها} حال و{سبلا} مفعول به.
{لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} لعل واسمها وجملة {تهتدون} خبرها.
{وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ} عطف على الموصول الأول وجملة {نزل} صلة و{من السماء} متعلقان بنزل و{ماء} مفعول به و{بقدر} في موضع نصب على الحال.
{فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذلِكَ تُخْرَجُونَ} الفاء عاطفة وأنشرنا عطف على {نزل}، وفيه التفات سيأتي سره في باب البلاغة، و{به} متعلقان بأنشرنا و{بلدة} مفعول به و{ميتا} صفة لبلدة و{كذلك} صفة لمصدر محذوف و{تخرجون} فعل وفاعل.
{وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها} عطف أيضا وجملة {خلق الأزواج} صلة و{كلها} تأكيد.
{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ} عطف على {خلق الأزواج} داخل في حيز الصلة و{لكم} في موضع المفعول الثاني و{من الفلك} حال {والأنعام} عطف على {الفلك} و{ما} موصول مفعول به وجملة {تركبون} صلة والعائد محذوف أي ما تركبونه وسيأتي بحث عن فعل الركوب في باب الفوائد.
{لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} اللام للتعليل والجار والمجرور متعلقان بجعل وتستووا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام والواو فاعل و{على ظهوره} متعلقان بتستووا، {ثم} حرف عطف {وتذكروا} عطف على تستووا و{نعمة ربكم} مفعول {تذكروا} و{إذا} ظرف مستقبل متعلق بجوابه المحذوف والمدلول عليه بتذكروا وجملة {استويتم} في محل جر بإضافة الظرف إليها و{عليه} متعلقان باستويتم وذكر الضمير في {ظهوره} نظرا للفظ ما كما جمع الظهور لذلك.
{وَتَقولوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا} {وتقولوا} عطف على ما تقدم و{سبحان} مفعول مطلق لفعل محذوف و{الذي} مضاف إليه وجملة {سخر} صلة و{لنا} متعلقان بسخر و{هذا} مفعول به.
{وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} الواو للحال و{ما} نافية وكان واسمها وله متعلقان بمقرنين و{مقرنين} خبر {كنا}.
{وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ} الواو حالية أيضا وسيأتي سرّ هذا الحال في باب البلاغة وإن واسمها و{إلى ربنا} متعلقان بمنقلبون واللام المزحلقة ومنقلبون خبر إن.

.البلاغة:

انطوت هذه الآيات على أفانين من البلاغة نوجزها فيما يلي:
1- فأول فن فيها هو الحذف، فقد حذف الموصوف وهو اللّه تعالى وأقام صفاته مقامه لأن الكلام مجزأ فبعضه من قولهم وبعضه من قول اللّه تعالى فالذي هو من قولهم خلقهنّ وما بعده هو من قول اللّه تعالى وأصل الكلام أنهم قالوا خلقهنّ اللّه بدلالة قوله في آية أخرى:
{ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنّ اللّه} ثم لما قالوا خلقهنّ اللّه وصف اللّه تعالى ذاته بهذه الصفات وأقيمت مقام الموصوف كأنه كلام واحد ونظير هذا أن تقول للرجل: من أكرمك من القوم؟ فيقول أكرمني زيد فتقول أنت واصفا له: الكريم الجوّاد المفضال الذي من صفته كذا وكذا.
2- الالتفات: والفن الثاني هو الالتفات فإنه لما وقع الانتقال من كلامهم إلى كلام اللّه عزّ وجلّ جاء أوله على لفظه الغيبة وآخره على الانتقال منها إلى التكلم في قوله: {فأنشرنا} افتنانا في أفانين البلاغة ولتسجيل المنّة على عباده وقرع أسماعهم بها ومن هذا النمط في القرآن كثير.
3- سرّ الحال: والسر في قوله: {وإنا إلى ربنا لمنقلبون} أنه كم من راكب دابة عثرت به أو شمست أو طاح عن ظهرها فهلك وكم من راكبين في سفينة انكسرت بهم ففرقوا فلما كان الركوب بحد ذاته أمرا شديدا لخطورة مجهول المغبة والراكب مستهدف لأنواع المتالف وصنوف المخاطر كان من حقه أن لا ينسى أنه هالك لا محالة، وأنه منقلب إلى اللّه، ولن يتاح له الإفلات من قضائه إذا حمّ، ومن قدره إذا حلّ، والغاية من كل ذلك أن يكون منتبها إلى نفسه، غير مؤثر لدنياه على آخرته.

.الفوائد:

من الأسرار التي تدق على الأفهام، مباحث تعدية الأفعال فالعرب يعدّون الفعل الواحد مرة بنفسه ومرة بواسطة، مثل سكرت وأخواته ويعدّون الأفعال المترادفة بآلات مختلفة مثل دعوت وصلّيت فإنك تقول: صلى النبيّ على آل أبي أوفى ولو قلت: دعا على آل أبي أوفى لأفهم عكس المقصود ولكن دعا لآل أبي أوفى، ويعدّون بعضهما إلى مفعولين ومرادفه إلى مفعول واحد كعلم وعرف فلا يترتب على الاختلاف بالتعدّي والقصور والاختلاف في المعنى، ويستنتج من هنا أن ركب باعتبار القبيلين معناه واحد وإن خصّ أحدهما باقتران الواسطة والآخر بسقوطها فالصواب أحد الأمرين، أما تقدير المتعلقين على ما هما عليه لو انفردا فيكون التقدير ما تركبونه وتركبون فيه والأقرب تعليله باعتبار التعدّي بنفسه ويكون هذا من تغليب أحد اعتباري الفعل على الآخر وهو أسهل من التغليب في قوله تعالى: {فأجمعوا أمركم وشركاءكم} على أحد التأويلين فيه فإن التباين ثم ثابت بين الفعلين من حيث المعنى أعني جمع الأمر وجمع الشركاء ولكن لما تقاربا غلب أحدهما على الآخر ثم جعل المغلب هو المتعدي بنفسه.

.[سورة الزخرف: الآيات 15- 19]:

{وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (19)}.

.اللغة:

{جُزْءًا} قال في القاموس: الجزء: البعض ويفتح والجمع أجزاء وبالضم موضع ورمل، وجزأه كجعله: قسّمه أجزاء كجزّأه، وبالشيء اكتفى كاجتزأ وتجزأ، والشيء شدّه، والإبل بالرطب عن الماء: قنعت كجزئت بالكسر، وأجزأتها أنا وجزّأتها، وأجزأت عنك مجزأ فلان ومجزأته، ويضمّان: أغنيت عنك مغناه، والمخصف جعلت له جزأة أي نصابا، والخاتم في إصبعي أدخلته، والمرعى التفّ نبته، والأم ولدت الإناث، وشاة عنك: قضت لغة في جزت، والشيء إياي: كفاني، والجوازئ الوحش. {وجعلوا له من عباده جزءا} أي إناثا. وأنكره الزمخشري وقال إنه اصطناع لا لغة وفيما يلي نص عبارته: ومعنى من عباده جزءا أن قالوا: الملائكة بنات اللّه فجعلوهم جزءا له وبعضا منه كما يكون الولد بضعة من والده وجزءا له، ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث وادّعاء أن الجزء في لغة العرب اسم للإناث وما هو إلا كذب على العرب ووضع مستحدث متحوّل، ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه أجزأت المرأة ثم صنعوا بيتا:
إن أجزأت حرة يوما فلا عجب ** زوجتها من بنات الأوس مجزئة

قد يكون للزمخشري عذره في استبعاد هذا التفسير، ولكن عذره يصبح معدوما عند ما نذكر أن الزجّاج والمبرّد هما اللذان روياه وهما إماما اللغة العربية وحافظاها ومن إليهما المنتهى في معرفتها.
{الْحِلْيَةِ} الزينة.

.الإعراب:

{وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءًا} الواو عاطفة على رأي الزمخشري لأنه جعل الكلام متصلا بقوله: {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض} أي وقد جعلوا له مع ذلك الاعتراف من عباده جزءا فوصفوه بصفات المخلوقين ولك أن تجعلها مستأنفة. {وجعلوا} فعل وفاعل والجعل هنا بمعنى التصيير وله في موضع المفعول الثاني و{من عباده} حال و{جزءا} مفعول {جعلوا} الأول.
{إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ} إن واسمها واللام المزحلقة وكفور خبر إن و{مبين} صفة أي مظهر لكفره.
{أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ} {أم} متصلة معطوف على استفهام محذوف المقصود منه الإنكار والتوبيخ والتقدير أتقولون أم اتخذ وقال بعضهم منقطعة بمعنى بل وقال آخرون بهما معا وكل صحيح وقد تقدم القول مطولا في أم. و{اتخذ} فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو و{مما} متعلقان بمحذوف هو مفعول اتخذ الثاني وجملة {يخلق} صلة و{بنات} مفعول اتخذ الأول {وأصفاكم} عطف على اتخذ و{بالبنين} متعلقان بأصفاكم.
{وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا} الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لتقرير ما تقدم و{إذا} ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط و{بشّر} فعل ماض مبني للمجهول و{أحدهم} نائب فاعل و{بما} متعلقان ببشر وجملة {ضرب} صلة و{ضرب} متضمن معنى جعل فيتعلق {للرحمن} بمحذوف في موضع المفعول الثاني و{مثلا} مفعول {ضرب} الأول.